محمد الشركَي كاتب عربي من المغرب، معروف بكونه مبدع الأغوار المفتون بالتجاويف الروحانية والعوالم السفلية، وكذا بكونه جيولوجيا فضل ويفضل الندرة الجوهرية على التراكم الصاخب . ولد بفاس سنة 1958، وبها نشأ وتلقى تعليمه الابتدائي والثانوي والعالي الذي أنهاه متخصصا في الفلسفة. بدأ الكتابة باكرا جدا، وانتبه أساتذته إلى توهج لغته وبهاء أسلوبه فجعلوه يقرأ نصوصه الأولى في ملتقيات ثقافية وهو ابن الخامسة عشرة. وفي أعتاب الرابعة والعشرين من عمره بدأت أبرز الملاحق الثقافية بالصحف المغربية تنشر كتاباته التي حظيت بإشادة القراء والنقاد الذين سجلوا اختلافها وتميزها واستدعاءها لجغرافيات بكر في الأدبين المغربي والعربي، واستغوارها لرموز ومتون فكرية وأساطيرية كونية كشفت غزارة قراءاته وكثافة أشجار نسبه. وجاءت روايته "العشاء السفلي" (1987) لتكرسه كاتبا متورطا في الأعماق ولتمنحه امتدادا عربيا راسخا إلى اليوم . وإلى جانب كونه ناثرا مرموقا، كتب محمد الشركَي الشعر أيضا (مع تفضيله الدائم أن يعتبر كاتبا وليس شاعرا)، فصدر له بالمغرب ديوانان هما: "كهف سهوار ودمها"(2001) ، و"السراديب"(2007)، اللذان وطد فيهما انشداده الكبير إلى الخرائط الداخلية المضاءة بالوجد الصوفيّ ، ولذلك ضمهما إلى رواية "العشاء السفلي" في كتاب جامع صدر سنة 2011 بعنوان "الأغوار" . مثلما كتب بنفس التكثيف الرمزي القصة القصيرة التي نشر العديد من نصوصها في مجلات مغربية وعربية دون أن يجمعها بعد في كتاب . كما أنجز ترجمات رصينة وفاخرة للعديد من الأعمال المغربية المكتوبة بالفرنسية مما خوله نيل جائزة المغرب للترجمة (1992) . وتقديرا لتجربته المشهود لها بالجذرية والعمق، حظيت نصوصه وتحظى بدراسات نقدية منيرة لأبعادها وعوالمها ومرجعياتها، مثلما تم تكريمه في عدة ندوات نظمت بعدة مدن مغربية خصيصا لاستكشاف مساره المفتوح على  مزيد من التوغل في الأغوار.